تتجسد السياسات الزراعية في مجموعة متكاملة من الإجراءات والتشريعات التي تتخذها السلطات العامة في الدولة وتساهم فيها بعض الهيئات الخاصة بغية تحقيق أهداف محددة تتضمنها الخطط التنموية الزراعية. هذه الأهداف غالبا ما ترمي إلى تشجيع زيادة الإنتاج لتحقيق الأمن الغذائي ، وزيادة العائد من الصادرات وتكثيف الجهود لتضييق الهوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه. وهذه الأهداف تتطلب من الدولة أيضا مساعدة المزارعين للتغلب على جملة المعوقات كما تتطلب من الدولة أيضا الموازنة بين مجموعة من الأهداف المختلفة.
وقد مرَّت السياسات الزراعية العربية في تطورها بمراحل مختلفة ، اتسمت بمظاهر تتعلق بالنظام أو الأنظمة الإيديولوجية المهيمنة في كل فترة. ويمكن التمييز بين سياسات زراعية ذات طابع اشتراكي وسياسات زراعية ذات طابع ليبرالي. إذ تركز السياسات الزراعية الاشتراكية على دور البنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي ينفرد بها كل بلد. وتركز هذه السياسات على محو التفاوت في ملكية الأرض والقضاء على صور استغلال الملكيات الكبيرة. أما الاتجاه الثاني في هذه السياسات فيتبنى اعتماد آليات السوق ويرمي إلى القضاء على التدخلات من طرف الإدارة واعتبارها ضارة بوجه عام. وتعمل بالتالي هذه السياسات على نزع كل أشكال الرقابة على الأسعار. وظلت هذه الثنائية تحكم السياسات الزراعية العربية من الخمسينيات حتى الثمانينيات، حتى مالت السياسات لصالح السياسات الزراعية الليبرالية. ونتيجة لضعف الأداء الزراعي والتكلفة الباهظة للتدخل الحكومي والتحول العام في النماذج السياسية في المنطقة العربية ثم إتباع سياسات موجهة نحو السوق. وتم تنفيذ سياسات وإصلاحات زراعية متدرجة إلى أن شهدت نقلة نوعية في بداية التسعينيات تمثلت في تحرير التجارة الزراعية في معظم الأقطار العربية. وعلى الرغم كل هذه الجهود فإن الأقطار العربية لم تتمكن من تضييق الهوة بين الطلب على الغذاء وإنتاجه.
<!--
الزراعة والأمن الغذائي والتنمية الريفية في السودان
ابحث
تسجيل الدخول
عدد زيارات الموقع
ساحة النقاش